روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اقتلوا الحيّات ، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر ، فإنهما يطمسان البصر ، ويسقطان الحبلى ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم . أرجو شرح هذا الحديث ، فقد سألني أحد أصدقائي وهو غير مسلم ، فقال : كيف يمكن لحيّة أن تطمس البصر ، وأن تسقط الجنين ؟
للخبر بقية في الأسفل.. ومن أخبارنا أيضاً:
عـ.ـا.جل الآن أكبر هجـ.ـوم جوي في العالم سيحدث الليلة.. حـ.ـرب وهـ.ـجوم شرس بدأ الآن
انظروا للعاصمة انها تحرق.. انفـ.ـجارات عنيـ.ـفة تزلزل العاصمة الآن واغلاق فوري للمطار
عـ.ـا.جل الآن دقت ساعة الصفر.. حـ.ـرب شرسة بدأت الآن
هجـ.ـوم كبير على سوريا والقـ.ـتلى بالعشرات يارب سلم
عـ.ـا.جل الآن أكبر هجـ.ـوم جوي في العالم سيحدث الليلة.. حـ.ـرب وهـ.ـجوم شرس بدأ الآن
أولاً : هذا الحديث رواه البخاري (3297) ومسلم (2233) . ( ذا الطُّفْيَتين ) : هما الخطان الأبيضان على ظهر الحية . ( الأبتر ) : نوع من الحيات أزرق ، قصير الذَّنَب ، أو لا ذَنَبَ له ، وقال الداودي : هو الأفعى التي تكون قدر شبر أو أكثر قليلا . ( يطمسان البصر ): تمحو نور العين وإبصارها . ( الحَبَل ) : الجنين . انظر شرح الحديث للنووي في " شرح مسلم " (14/230) ، والحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (6/348) . ثانياً : من روايات الحديث قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " في رواية ابن أبي مليكة عن ابن عمر : (ويذهب البصر) ، وفي حديث عائشة : (فإنه يلتمس البصر) ، وفي رواية ابن أبي مليكة عن ابن عمر : (فإنه يسقط الولد) ، وفي حديث عائشة : (ويصيب الحبل) ، وفي رواية أخرى عنها : (ويذهب الحبل) ، وكلها بمعنى – أي بمعنى واحد - " انتهى من " فتح الباري " (6/348) . ثالثاً : سبب طمس البصر وإسقاط الحبل اختلف شراح الحديث في سبب فقد البصر وإسقاط الجنين عند رؤية هذا النوع من الحيات : القول الأول : أنها تؤذي بالنظر المجرد إليها ، لخاصية جعلها الله في نظر هذه الحيات ، تُفقِد الإنسان بصره وتُسقط الحمل ، من غير لسع ولا لدغ ، كأذى العائن يؤذي من يصيبه بعينه مباشرة . قال القاضي عياض عن هذا القول : إنه أظهر . "إكمال المعلم" (7/168 ، 169) . وكذا قال القرطبي في "المفهم" (5/533) ، والنووي في "شرح مسلم" (14/230) والمناوي في "فيض القدير" (2/59) . وروى النضر بن شميل عن أبي خيرة أنه قال : "الأبتر من الحيات أزرق مقطوع الذنب ، لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها " انتهى من " كشف المشكل من حديث الصحيحين " لابن الجوزي (ص/379) . وقال ابن القيم رحمه الله : " النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة ، وتقابل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصية ، وأشبه الأشياء بهذا الأفعى ، فإن السم كامن فيها بالقوة ، فإذا قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية ، وتكيفت بكيفية خبيثة مؤذية ، فمنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين ، ومنها : ما تؤثر في طمس البصر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنها : ما تؤثر في الإنسان كيفيتها بمجرد الرؤية من غير اتصال به ، لشدة خبث تلك النفس وكيفيتها الخبيثة المؤثرة ، والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية كما يظنه من قل علمه ومعرفته بالطبيعة والشريعة ، بل التأثير يكون تارة بالاتصال ، وتارة بالمقابلة ، وتارة بالرؤية ، وتارة بتوجه الروح نحو من يؤثر فيه ، وتارة بالأدعية ، والرقى ، والتعوذات ، وتارة بالوهم والتخيل" انتهى من " زاد المعاد " (4/153)، ونحوه " بدائع الفوائد " (2/229) ، وفي "فتح الباري" (10/200) .
القول الثاني : أن سبب فقد البصر وسقوط الحمل هو اللدغ واللسع ، والسم المصاحب لذلك النهش الذي يؤذي كل من يصيبه . قال الإمام الزهري – بعد روايته الحديث عن سالم عن ابن عمر - : "نرى ذلك من سميهما" انتهى من " صحيح مسلم " (2233) . وقال الإمام الخطابي رحمه الله : " معنى قوله : ( يلتمسان البصر ) قيل فيه وجهان : أحدهما : أنهما يخطفان البصر ويطمسانه وذلك لخاصية في طباعهما ، إذا وقع بصرهما على بصر الإنسان . وقيل : معناه أنهما يقصدان البصر باللسع والنهش " انتهى من " معالم السنن " (4/157) ثم رجح الخطابي القول الأول .
القول الثالث : أن إسقاط الحمل سببه الرعب الذي يصيب المرأة إذا رأت ذلك النوع المخيف من الحيات . ذكر هذا القول القاضي عياض ، ولكنه رجح القول الأول ، فقال : " وذلك بالروع منه ، أو بخاصته كما تقدم ، وهو أظهر ، إذ يشركه غيره في الروع " انتهى من " إكمال المعلم " (7/168-169) وذكره النووي رحمه الله "شرح مسلم" (14/230) ، وصاحب "عون المعبود" (14/111) ، وغيرهم من الشراح ، بل ظاهر كلام الإمام النووي ترجيح هذا التفسير لسقوط الحبل ، أما إذهاب البصر فرجح القول الأول . ولكن رد بعض العلماء هذا القول فقالوا : " لا يلتفت إلى قول من قال : إن ذلك بالترويع ؛ لأنَّ ذلك الترويعَ ليس خاصًّا بهذين النوعين ، بل يعمُّ جميع الحيَّات ، فتذهب خصوصيَّة هذا النوع بهذا الاعتناء العظيم ، والتحذير الشديد ، ثمَّ إن صحَّ هذا في طرح الحبل ، فلا يصحُّ في ذهاب البصر ، فإنَّ الروع لا يذهبه " انتهى من كلام أبي العباس القرطبي في " المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم " (5/533-534) .
فتبين بما سبق أن العلماء اختلفوا في تفسير الحديث ، إذ يحتمل أن سبب أذية هذا النوع من الحيات هو اللسع والنهش الذي يرافقه سم شديد يؤثر في البصر وفي الحمل ، كما يحتمل أن هذا النوع من الحيات يلحق الأذى بالبصر وبالجنين عن بُعد بمجرد النظر إليه ، وذلك ليس ببعيد ولا يستحيل ، كما يقع ذلك من العائن . كما يحتمل أن سبب إسقاط الحمل هو الرعب الذي يصيب المرأة الحامل بسبب منظر الحية المخيف . فالله أعلم بما هو الصواب من ذلك ، وأحوال المخلوقات لا يحيط بها إلا خالقها ، والعلم يكتشف كل يوم شيئا جديدا من أمور الكون وأحوال الخلق .
والله أعلم .